هل أنت مثل الوردة؟ إن الوردة تجمل المكان الذي توجد فيه. فهل أنت تجمل العالم، أو تجمل حياة الآخرين أو حتى حياتك أنت؟ لكي تفعل ذلك، عليك في المقام الأول أن ترى أنت نفسك جميلاً. وهذه هي ببساطة الثقة بالنفس: أن ترى نفسك جميلاً، قادراً على تجميل عالمك
المتكبر يطفيء شموع الآخرين، ولكن الواثق يضيؤها
التكبر هو أن يرى الإنسان نفسه فوق الآخرين، فيشعر بالضيق لو نجح أحدهم، وقد يغتابهم ويتحرى نقائصهم محاولاً تثبيطهم والتقليل من شأنهم ليشعر أنه الأفضل، يتفاخر بنفسه ولا يقبل النصيحة. هذه العلامات قد تظهر كلها أو بعضها عند الشخص حسب درجة تكبره.
أما الثقة بالنفس فهي أن تعرف لنفسك قدرها وتنظر إليها بتوازن دون تعظيم أو تحقير، وفي نفس الوقت لا تحتاج إلى التقليل من قيمة الآخرين لتشعر بقيمتك.
فالمتكبر يطفيء شموع الآخرين ليضيء شمعته، وأما الواثق بنفسه فيضيء شمعته ويساعد الآخرين على إضاءة شموعهم أيضاً.
أهمية الثقة بالنفس
والآن تعالَ لنتعرف سوياً على الفوائد التي ستجنيها من الثقة بالنفس ليكون عندك الدافع لاكتسابها. ثقتك بنفسك:
- تجعل صورتك طيبة أمام نفسك وأمام الناس؛ لأن نظرة الناس لنا في الأساس ما هي إلا انعكاس لنظرتنا إلى أنفسنا.
- تساعدك على أن تكون متوازناً في تعاملك مع الناس: فتحترمهم وتكسب احترامهم، وتتبادل معهم الآراء دون أن تنقاد بسهولة إلى أي رأي دون اقتناع.
- تحسن من قدرتك على اتخاذ القرارات السليمة، والصمود لتنفيذها عندما يعارضك كل من حولك.
- تؤثر كثيراً على نجاحك وسعادتك في الحياة.
كيف تصبح واثقاً بنفسك
اكتشف نفسك
لا يمكنك أن تثق في أي شيء أو في أي شخص، حتى نفسك، إن لم تعرفه جيداً. لذلك، كن دائماً في عملية جمع للمعلومات عن نفسك بالتجربة، والملاحظة والاختلاء بالنفس للتفكر في خبراتك والتعلم منها. وممكن ممراسة تلك التمرين: أحضر ورقة وقلم، واكتب إنجازاتك وكيف حققتها، ونقاط قوتك وكيف توظفها. ونرشح لك القراءة في: الذكاءات المتعددة (Multiple intelligences)، وأنماط التعلم (Learning styles).
كن صادقاً مع نفسك وتقبلها
كن صادقاً مع نفسك في الاعتراف بنقاط ضعفك دون أن تحاول تبريرها، وتقبل نفسك بحلوها ومرها، واعمل على تطوير نفسك دون السماح لنقاط ضعفك أن تُنقص من احترامك لنفسك؛ لأننا بشر ولسنا ملائكة، ومن الطبيعي أن يكون لدينا أوجه قصور. وممكن ممراسة التمرين: اكتب نقاط ضعفك وكيف تعالجها.
أضفِ علي حياتك معنىً
ترتبط ثقتك بنفسك ارتباطاً وثيقاً بشعورك أن لك قيمة في الحياة، هذا الشعور تستمده من كونك لك أهداف تعيش من أجلها. وأهدافك يجب أن تكون:
- مشتقة من مواهبك والأشياء التي تحبها، لا مفروضة عليك من نفسك أو من غيرك؛ وذلك لتتقنها، فتتفوق فتزداد ثقةً بنفسك.
- متوازنة بحيث تغطي الجوانب التالية: الروحي، والنفسي، والعقلي، والاجتماعي، والبدني؛ لأن أي تقصير منك في أي جانب سيؤثر على ثقتك بنفسك.
كن مثابراً
اعزم على تحقيق أهدافك مهما كانت الصعوبات. تخلّص من فكرة أنك تجرب الطريق وقد تتراجع عنه إن واجهتك العقبات (التي هي أمر حتمي). واجه المشكلات بالتفكير في الحلول والتركيز على ما يمكنك عمله لا على ما يجب أن يفعله الآخرون، وثق بأن من يحاول ويحاول سوف يصل حتماً بإذن الله. وإن أخطأت (وهو أمر حتمي أيضاً) فاعتبر أخطاءك لوحات إرشادية توجهك نحو الطريق الصحيح.
صاحب نفسك
إننا نتحدث إلى أنفسنا طوال الوقت حتى وإن لم نشعر بذلك. وهذا الحديث غالباً ما يكون سلبياً وناقداً لكل خطأ أو هفوة وبشكل قاسٍ ومبالغ فيه. وحديثك الذاتي، إيجابياً أو سلبياً، يؤثر تأثيراً بالغاً على مشاعرك تجاه نفسك والآخرين، بل وعلى تصرفاتك؛ لذا:
- تمرن على مراقبة أفكارك، وناقش السلبي منها مناقشة منطقية.
- سل نفسك: إن أخطأ صديقي، فهل الصواب أن أنهره أم أرفق به؟ فنفسك هي أعز صديقٍ لك.
صُمّ أذنيك عن الكلمات الهدامة
في عامه النهائي بالجامعة، طُلِب من شخص يسمّى فريد سميث إعداد مشروع يمثل أحد أحلامه. فاقترح "فريد" فكرة مشروع لنقل الطرود حول العالم في وقت قصير لا يتعدى يومين. حكم كل الأساتذة على هذا المشروع بالفشل قائلين (إنها فكرة ساذجة، ولن يحتاج الناس أبداً لمثل هذه الخدمة)، وأعطاه أستاذه درجة "مقبول" في البحث، وأخبره أنه على استعداد لمنحه تقديراً أفضل إن عدل فكرة مشروعه، فرد عليه الشاب، المؤمن بنفسه القابض على حلمه، قائلاً: (احتفظ أنت بتقديرك وسأحتفظ أنا بحلمي). وبدأ "فريد" مشروعه بعد التخرج مباشرة بحوالي 8 طرود فقط، وخسر أموالاً في البداية، فكان مثار سخرية الناس، ولكنه استمر وقاتل من أجل حلمه. والآن أصبحت شركته من أكبر الشركات في العالم في هذا المجال: شركة FedEx.
كم مرة فكرت في الكف عن أهدافك أو توقفت عنها بسبب الانتقادات السلبية من قِبَل البعض؟ لذا عليك:
- تجنُّب الأشخاص السلبيين؛ فسوف يبعدونك عن أحلامك المحببة إليك. وأحِط نفسك بالأشخاص الإيجابيين، الذين يرجون لك الخير ويعينونك عليه.
- التدرُّب على التمييز بين النقد البناء والنقد الهدام، عن طريق:
- اعرف نفسك جيداً.
- اطلب النصيحة من أهلها فقط (صاحب الخبرة أو العلم في المجال الذي يقدم النصح فيه).
- احذر أن تقع فريسة لهؤلاء الذين يطفئون شموع الآخرين ليضيئوا شموعهم.
كُفّ عن مقارنة نفسك بالآخرين
أي الفاكهتين أفضل: الجوافة أم الموز؟ لا أسأل عن تفضيلك الشخصي، ولكني أطلب منك حُكماً موضوعياً. كل صنف له قيمته الغذائية، ورائحته، ولونه وملمسه. أليس كذلك؟
بالقياس على المثال السابق، تكون ظالماً إن عقدت مقارنة بين نفسك والآخرين؛ لأننا مختلفون و لابد. فلكل منا دور في الحياة، ومواهبه وطباعه، ..إلخ. والمقارنة قد تكون:
- سلبية: تزعزع ثقتك بنفسك، وقد تدفعك إلى الحسد أو تقليد الآخرين تقليداً أعمىً بما لا يناسب شخصيتك.
- إيجابية: إذا كان هدفها التعلم من الآخرين، فتحمسك وتدفعك إلى الأمام.
تمسك بمبادئك
يُحكى أن جحا خرج يوماً مع ابنه، فركب جحا الحمار ومشى ابنه، فعاب الناس على هذا الأب القاسي. فنزل جحا وأركب ابنه، فعابوا على هذا الابن الجاحد. فركب الاثنان الحمار فعابوا عليهما قساوتهما تجاه الحمار. فنزلا ومشيا إلى جوار الحمار فعابوا عليهما قائلين: ما فائدة الحمار إذن؟
وكان جحا قد أراد أن يعلّم ابنه أن إرضاء الناس غاية لا تدرك. لهذا، تمسك بمبادئك تحت أي ظروف، ولا تكن تابعاً للآخرين؛ فتُحسن إن أحسنوا وتسيء إن أساءوا. ولكن إن أحسنوا فأحسن، وإن أساءوا فتجنب إساءتهم، ودون أن تسيء مثلهم.
تحدَّ مخاوفك
الخوف شعور إنساني طبيعي وصحي، بل وضروري طالما أنه لم يعُقك عن السعي نحو أهدافك. والمخاوف قد تكون:
- غير منطقية: تحداها وأقدم على ما تخاف منه.
-
- منطقية: خذْ خطوات عملية في التعامل معها.
أي أنك في جميع الأحوال لابد أن تتحدى مخاوفك. ثق في قدرتك على تطوير نفسك وتحقيق أهدافك طالما أنك تبذل الجهد المطلوب، وكن متفائلاً؛ لأن ما يدور في عقلك سيصبح واقعاً.
وقم بهذا التمرين التالي. ذات يوم استيقظت لتعرف هذا الخبر: لقد انتهى الفشل! الآن أطلق لخيالك العنان واكتب بالتفصيل ما الذي تحب أن تقوم به في حياتك وقد ضمنت النجاح.
اهتم بمظهرك
مع أن الجوهر أهم من المظهر إلا أن مظهرك ينعكس على شعورك نحو نفسك، وعلى انطباع الآخرين عنك. لذلك، احرص على أن يكون مظهرك نظيفاً ومتناسقاً وجميلاً دون تكلُّف.
إن الثقة بالنفس صفة أساسية من صفات الناجحين. وعلى الرغم من ذلك، فإن حتى الإنسان الناجح الواثق بنفسه تمر عليه أوقات تضعف فيها ثقته بنفسه أو حتى يفقدها، ولكن المهم هو هل ما يغلب عليك قوة الثقة أم ضعفها؟
وأخيراً، أنت سيد هذا الكون خُلِقتَ لتعمره، وكل ما فيه مسخرٌ لك أنت. فاستمد ثقتك بنفسك من ثقتك بخالقك