الشيطان وفتنة الآبائية
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد رفض الشيطان أن يطيع ربه ويسجد لآدم، عليه السلام, بدعوى إنه خير منه ، فطرده الله تعالى من رحمته، فأخذ على نفسه العهد أن يغوى بنى آدم أجمعين
إلا عباد الله المخلصين
لقد زرع الشيطان في قلوب أتباعه فكرة تقليد الأباء بغير علم والإلقاء بالمسئولية الدينية على أكتافهم، لتظل منظومة [الآبائية] متصلة الحلقات تستمد حجيتها من شئ له مكانة في قلوب أعضائها وهو مشاعر الإجلال والاحترام والتقديس التي تحملها قلوب الأبناء لآبائهم
قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)الأعراف
لقد انطلقت فتنة الشيطان لبنى آدم من قاعدة " أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ " قاعدة هوى النفس ، فالشيطان يرى أنه خير من آدم وذريته، وعلى هذا الأساس تواصلت حلقات الفتنة الشيطانية لأتباع الرسل على مر العصور. لقد علم الشيطان أن السبيل الوحيد للانتقام من آدم هو صد ذريته عن صراط ربهم المستقيم، فعرض على ربه خطته والدور الذي سيلعبه لإغواء بنى آدم
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18)الأعراف
لقد أخذ الشيطان على نفسه العهد أن يقعد الصراط المستقيم ، يترصد القادمين ليفتنهم عنه ويَزيّن لهم سبلا أخرى ليتبعوها ، فيٌزيّن لأتباعه أن السلف خير من الخلف وأن الماضي خير من الحاضر، وأن الرواية السفلية خير من الآية الإلهية المعاصرة
قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ
(41)الحجر
إن عباد الله [الْمُخْلَصِين] هم الذين دخلوا في دين الله بإرادتهم ، فأقاموا الحق والعدل بين الناس بقناعتهم، ورفضوا عضوية منظومة
[الآبائية]
حتى لا يكونوا من الغاوين [إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ] هؤلاء الذين سيلقى عليهم الشيطان المسئولية يوم القيامة ويتبرأ من شركهم
وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)ابراهيم
انظر وتدبر هذا الأسر الاختياري الذي يذهب إليه الإنسان بإرادته
" وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي "
إن هذا الأسر، هو الذي مكن الشيطان من توظيف هوى الإنسان فيما لا يرضى الله تعالى، لذلك لم يُذكر الهوى في القرآن إلا جاء مذموما، لأنه المدخل الشيطاني إلى الشرك بالله تعالى
أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43)الفرقان
لقد عبد الناس آلهة من دون الله ، ثمرة إتباعهم الهوى، وعدم تمسكهم بشريعة الله فانسلخوا من دين الله ، ملة وشريعة ، ولقد ضرب الله تعالى المثل لبيان خطورة اتباع الهوى على ملة التوحيد، وكيف يوظف الشيطان هوى الإنسان لينسلخ من فطرته الإيمانية ويشرك بالله تعالى
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)الأعراف
إن قوله تعالى " فَانْسَلَخَ مِنْهَا
، دليل على إن ملة التوحيد تحيط بالإنسان إحاطة الجلد بالبدن ، يوم ولادته ، فإذا بيئته تُخرجه منها تدريجيا لتحل محلها ملة الكفر
وتدبر قوله تعالى " فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ
إن الشيطان لم يعرف مدخلا إلى قلب المولود، فلما كبر، وبلغ رشده، وبدأ ينسلخ من فطرته الإيمانية بإرادته، تركه الله لاختياره، ولإغواء الوحي الشيطاني . ولو أن الإنسان أعمل آليات عمل قلبه، واستجاب لنداء فطرته، لعرف صراط ربه المستقيم ولتمسك بشريعته، ولرفعه في عليين
" وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ "
لقد أخلد الإنسان إلى الأرض، ثمرة تعطيله لآليات التفكر والتعقل والنظر ..، آليات عمل القلب. هذا هو المحور الأساس التي تدور حوله أفكار هذا الموضوع
دور الشيطان في تدعيم فتنة [الآبائية] عن طريق تغييب آليات عمل القلب
(هناك مقالة كاملة عن آليات عمل القلب كتبتها سابقا في واحة القرآن )
إن الهوي شهوي من شهوات النفس، التي إذا تمكنت من الإنسان أصبحت تطلب دائما مزيدا، طالما أنها تخضع لسلطان وحكم الشيطان ووساوسه . لذلك استحق هذا الإنسان الذي انسلخ من فطرته الإيمانية ، ومن شريعة الله ، واتبع هواه، أن يمثله الله بالكلب
" فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ "
فكما إن الكلب في جميع أحواله يلهث، فالمقلد لآبائه تقليدا أعمى ، يستوي عنده اتباع الحق واتباع الباطل، يستوي الدليل القطعي الثبوت عن الله تعالى، والدليل الظني الثبوت عن رسوله، تستوي عنده الآية الإلهية والرواية البشرية..، لقد توقفت آليات عمل القلب
لقد كان على الإنسان أن يرتفع بنفسه إلى الدرجة التي رفعه الله إليها، أما أن يتدنى بها إلى هذه الدرجة، فإن ذلك ثمرة اتباعه هواه، وتمكن الشيطان منه ، فتوظيف الشيطان لهوى النفس من أكبر المفاسد، ذلك لأنه يُزيّن للإنسان الباطل فيراه حقا
ولماذا لا يرى الإنسان الباطل حقا، وقد سلبه الشيطان أهم ما يميزه عن سائر المخلوقات، وهو نعمة القلب الذي يبصر بآليات التفكر، والتعقل، والنظر ؟
إن هذا الإنسان الذي أتاه الله تعالى الحجج والآيات فانسلخ منها، وهو كل من قبل عضويته في منظومة [الآبائية] التي فرضت عليه فرضا يوم ولد، وسار في طريق آبائه بغير علم ولا هدى من الله تعالى
وفي نفس الوقت تنادي الإنسان فطرته الإيمانية، ودلائل الوحدانية المنتشرة في كل مكان، ونذكره بميثاق التوحيد..، ولكن دون جدوى
سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177)الأعراف
واللافت للنظر، أن هذه الآيات قد سبقتها مباشرة الآيات التي تحدثت عن ميثاق فطرة التوحيد
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174)الأعراف
فلقد بدأ السياق القرآني بالحديث عن ميثاق الفطرة، ثم أعقبه بضرب المثل عن انسلاخ الإنسان من آيات الله. ثم تدبر ماذا قال الله تعالى بعد آيتين من هذا السياق
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) الأعراف
فهل هذا البيان من برهان على أنه يجب على الإنسان أن يقف وقفة يسأل فيها نفسه : هل هو من الذين كرمهم الله تعالى بآليات التفكر والتعقل والنظر..، وقام بتفعيلها، فرفعه الله تعالى بها؟!! أم أنه ممن أعطوا ظهورهم لها، واتبعوا هواهم فخرجوا من دائرة النوع الإنساني المكرم، إلى دائرة أحط من دائرة الأنعام ؟
وتدبر قوله تعالى : " أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ " ، فمن كان وراء ذلك غير الشيطان وتغيب آليات عمل القلب؟
وتدبر قوله تعالى : " لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا " ، من كان وراء ذلك غير الشيطان وتغيب آليات عمل القلب ؟
إن صدق التوجه إلي الله تعالى يستحيل أن يتحقق باتباع الشيطان، وهوى النفس، وإنما باتباع العلم، والفهم الواعي لحقيقة الوحي الإلهي وخصائصه، وهنا يستطيع الإنسان أن يوجه تحدياته بقوة وثبات ، فهو لا يتبع إلا ما أمره الله باتباعه
أما إذا تمكن منه الهوى، فإنه يتحول إلي شهوة متبعة، فيسهل على الشيطان إيقاعه في الشرك
وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125)النساء
نعم ... فعندما يتبع " مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا "، يكون قد أسلم حق الإسلام، أما عندما يرث المسلم دين آبائه، ويتخلق بأخلاقهم بغير علم، ولا إذن من الله تعالى، فقد يقع في الشرك بالله، وهو يحسب أنه يحسن صنعا، لمجرد أنه يؤدى بعض الشعائر الدينية
وهذا ما نجده في كثير من أتباع الطوائف الدينية، على مر الرسالات، الذين ينطلقون في تدينهم من منطلق التقليد الأعمى للآباء، فيحلون ويحرمون حسب أهوائهم، وهو ما يأمرهم به الشيطان الرجيم
إنه مع نمو شجرة [الآبائية] المذهبية، التي يتولى رعايتها هوى النفس، ويقوم بإدارة شئونها الشيطان الرجيم، يبدأ الإنسان في الانسلاخ تدريجيا من شجرة التوحيد الطيبة الكامنة في فطرته، ومن شريعة ربه الهادية إلى صراطه المستقيم
فهل ترك الله عباده لإغواء الشيطان الرجيم، وفتنة سلطان [الآبائية] دون تحذير؟
إن من رحمة الله تعالى بالناس أن بيّن لهم السبيل إلى العبودية الحقة، التي تحصنهم من فتنة هذه المنظومة الشيطانية، وبيّن لهم أن الولاء لا يكون إلا للحق وأهله، وأن من يتخذ الشيطان وليا فإنه يضله ويخرجه من ملة التوحيد
يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)الأعراف
إن العبودية الحقة لا تقوم على مخالفة شرع الله تعالى، واتباع الظن والهوى
إن العبودية الحقة لا تقوم على فتنة الشيطان، الذي يزين الباطل لأتباعه ليروه حسنا، فتدبر
وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28)الأعراف
إن العبودية الخالصة لله تعالى تقوم على الحجة والعلم والبرهان، وهذا هو السبيل الهادي إلى صراط الله المستقيم
وإن من اتبع سبيلا غير سبيل الله، هداه الشيطان إلى عذاب السعير
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4)الحج
إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا
(119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121)النساء
تدبر قوله تعالى
" وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ "، وقوله تعالى : " وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا "
لتعلم إن ثمرة اتباع الفتنة الشيطانية هي
" وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا "
إن كل من اتخذ من دون الله أولياء، سواء كانوا أشخاصا، أو مصادر تشريعية ما أنزل الله بها من سلطان، فإنه في الحقيقة لا يتخذ غير الشيطان وليا، لذلك يخسر خسرانا مبينا
ولا يقولن قائل : فما علاقة المسلمين بكل هذا، فهم خير أمة أخرجت للناس، وهذه الآيات قد جاءت تتحدث عن المشركين المكذبين، وليس عن المسلمين المؤمنين؟
أقول : إن الأبناء يرثون ملة آبائهم، دون إرادة منهم، ويستمر التمسك بهذا لموروث الديني إلى أن يستيقظ الإنسان، والمفترض أن يكون ذلك عند بلوغه النكاح واكتمال رشده، واستضاءة قلبه بنور وميثاق الفطرة الإيمانية، فيدرك أن له ربَّا يجب عليه أن يعبده حق عبادته، الأمر الذي يفرض عليه، مهما كانت هويته الدينية وتمسكه بـ [الآبائية]، أن يعيد النظر في تدينه الوراثي
ما رأيكم فى مفهوم التدين الوراثى ، ألستم معى إن كل مسلم يتبع ملة آبائه ، اليس من ولد فى وسط مذهب السنة يصبح سنيا، وكذلك الشيعى الذى يولد فى بيئة شيعية يصبح شيعيا ، والقرآنى كذلك،والخوارج والمعتزلة
وقد نسوا جميعا تحذير الله تعالى
مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)الروم
أليس كل حزب يعتقد أنه الفرقة الناجية من النار ، فرحان بما لديه من تراث ، هاجرا القرآن الكريم ، مكتفيا بتراث حزبه الذى يتبعه ، حتى إن رسول الله ، عليه السلام ، يشكوا حال
المسلمين لربه قائلا
وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30) الفرقان