قالت والله إني لأحبّ قُـربك
في مشهدٍ لطيف
وإحساسٍ رقيق
وعاطفةِ مُحِبّ
تحكي لنا عائشة بنت الصدّيق – رضي الله عنها وعن أبيها – ما صنعه حبيبها وزوجها صلى الله عليه وسلم في ليلةٍ مِن الليالي حين أراد أن يقوم بين يدي ربّه ليناجيه ويخرّ ساجدًا باكيًا
وتحكي لنا قوله عليه الصلاة والسلام لها بلغة المتلطّف المُحِب لها والراغِب في طاعة ربه : [ ذريني أتعبدُ الليلةَ لربي ]
لتكون له تلك الإجابة اللطيفة مِن قلبٍ أُودِع فيه حُب النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام ، فقالت – رضي الله عنها - : [ والله إني لأحبُّ قربَكَ وأحب ما يسرُّك ] ـ
عِشرةٌ لطيفة
ومؤانسةٌ فريدة مِن النبي عليه الصلاة والسلام فتُقابلها مؤانسة وعِشرة فريدةٌ لطيفة مِن عائشة – رضي الله عنها -
( والله إني لأحبُّ قربَكَ وأحب ما يسرُّك )
لم تضجَر
ولم تسكت حتى ، وتتركه يفعل ما يريد عليه الصلاة والسلام
بل أجابته بتلك الإجابة الرقيقة بلغةٍ ينطِق الحُب منها .. ويخرُج (ودَق) حُسن المنطِق مِن خلال (رُكام) الحُب
إنها فِطنة عائشة – رضي الله عنها - ، وذكائها ، وجميل عِشرتها له عليه الصلاة والسلام
وكم مِن الزوجات اليوم ، إن سرَّ زوجها أمرٌ أو أراد الإقدامَ على أمرٍ ، لم يَرُق لها ؛ أسمعته آلاف التحطيم ! وشوّشت عليها بعبارات السخرية – ربما
أو كم مِن الزوجات اليوم مَن لا تُحسِن الرد
فربما سكتت عن المشاركة فيما يُحبّ زوجها ( إن كان لا يرضيها ) فيُفهَم مِنها أنها غير راضية
لا يُفهَم مِن كلامي ، أنّ عائشة بنت الصِدّيق – رضي الله عنها – لم تكن راضية عن تعبّده عليه الصلاة والسلام
ولكن أنا أنقُل صورة عذوبة المنطِق الذي نطق به لسانها
فهي تريد قُربه عليه الصلاة والسلام ، وفي ذات الوقت تريد ما يسرّه – وهي عبادته -
مِما يؤسَف له اليوم أنّ الزوج قد يأتي لزوجته بخبر يُفرحه ، وهي لا يُفرحها ! وفي الوقت نفسه ليس فيه عليها منه الضرر ، ولكنها تُقابِل زوجها بتحطيم وسُخريةٍ أحيانًا
ويرى الزوجُ في عينيها وعلى لسانها عدم الرِضا
وكأنّه فعَل الذنب الذي لا يُغتفَر
ومِن أمثلة ذلك
حُب الزوج للعيشِ في منطقةٍ ما ، وعدم رغبة الزوجة في تلك المنطقة ، وليس عليها ضرر مِن العيش فيها ، فإذا بُشّر بالسُكنى هناك وأتى إلى زوجته يخبرها
وجَد منها السخط والغضب ! وربما عاقبته بهجر التحدث إليه
أو هجْر خدمته بسبب هذا الأمر
وزوجٌ آخَر ربما راق له تنزهه في مكانٍ ما أو منطقةٍ ما ، ولكن الزوجة لا تروق لها تلك المناطِق ، فنراها لا تشاركه ذهابًا ولا حتى كلمة تطيّب الخاطِر ! وربما سمِع منها ما يزعجه
وهذه أمثلة فقط ، وإلا فإنّ الحال يشكو الكثير ! وكم رؤيت وسُمعت نماذِج لأنواع الجفاء مِن الزوجة لزوجها وعدم مشاركتها له في مشاعره واهتماماته أو ما يُحِبّ
كحُبِّ الزوج لكُتبه ، والتي يرى مِن زوجته سخريةً به وبكتبه المحبوبة
أو حُبّه لمجال معيّن أو اهتمامه بمجال آخَر ، لا يروق لزوجته أو ترى هي – مِن وجهة نظرها – أنّ هذه الأمور غير محبوبة عندها ، فيجب على الزوج ألاّ يحبها
مثل هذه الدقائق قد تستسهلها الزوجة ، وتظنّ أنها ليست بذات تأثير على حياتها مع زوجها
ولكنّ الواقِع يشهَد أنّه متى ما كانت الزوجة حريصة على رِضا زوجها وعلى مشاركته في محبوباته ( حتى لو لم ترضِها ) فإنّ هذا يوتّد أطناب الحُب في خيمة حياتهما
إنّ الزوجة الصالِحة تؤثِر مرضاة زوجها وتسعى لِما يُحبّ .. ولسانُ حالها يقول
كُنْ كيف شئت تجِد مُحِبك مثلما = تهوى على الحالين غير مغايرِ
صبري عليك بما أردت مطـــــاوعٌ = أبدًا ولكــنْ عنك لستُ بصابرِ
فمثل هذه اللطائف وهذه الأحاسيس تقع في النفس أجمل موقِع وتؤلّف بين القلوب
وتجعل مِن ذلك ذخائرًا مِن الحُب ومِن حِفظ العهد للزوجةٍ عند زوجها
فلكلّ زوجةٍ أقول
تعلّمي القاعدة (( والله إني لأحبُّ قربَكَ وأحب ما يسرُّك )) ـ
وأقرَّ الله عينكِ